الوجود و غيابها


لا أقوى على الصمود يا حبيبتي .. أقولها الآن لذاتي بينما حرمتك منها طوال أيامنا معاً .. لم أقل لكِ أحبك بصدق .. لم أقلها .. ظللت مشككاً في طبيعة علاقتنا؛ لم أركِ في مستقبلي .. أعلم أني أفكر في الموت كثيراً، ولكني أحياناً أحلم مثل باقي السذّج. أتناسى هاوية العدم وأضع تركيزي في أوهام وهلاوس؛ النجاح، الشهرة، المال، إلى آخره من الزوائل. وفي منتصف أوهامي لم أركِ .. لم أرَ ابتسامتك التي تتوهج عند رؤياي .. لم أرَ شفائفك التي طالما بحثت عني ولم تكف حتى وجدتني .. لم أرَ عيناكي الدامعتان بسببي .. لم أرَ.

يختلط لعابي بمذاق الكحول التعس .. أسعل بوجه منتفخ .. عيناي احمرتا من البكاء .. هامتي ارتجت من الحزن .. غيابك قد زلزلني و فراقك بركان انفجر في رأسي .. ولكن أتعلمي ما يعذبني؟ أنك تدعوني حبيبي وأنا لا أستجيب .. إني أفعل ذلك لذاتي .. أنك لم تهجريني بل أنا الذي تركتك .. أي عذاب هذا الذي أذيقه لذاتي؟

طالما ظننت أن ألم الوجود لا يضاهيه وجع، حتى شعرت بألم غيابك يا حبيبتي .. قلبي ليس عضلة ترتجف لتبعث فيّ الحياة .. لا .. قلبي كنار انطفأت وصارت رماداً يبث رائحة الموت .. لم أعد أشتم رائحة عرق بل الفناء .. غيابك تفوق على الوجود فهل وجودك بقاهر للعدم؟ .. حبيبتي، لقد هان الوجود أمام غيابك!

لقد تركتك باحثاً عن حرية زائفة في سجن الوجود .. تركتك لأني لم أبتغي أن أكون سجيناً لامرأة .. فها أنا حبيساً داخل نفسي .. أنفاسي فقدت لامعناها و عقلي أضاع لامبتغاه .. لقد شعرت بالضياع في التيه ما حييت، ولكني لم أشعر قط بالضياع خارجه .. صرت تائهاً في غرفتي و لم أعد آلف جدرانها.  

لماذا يا نفسي؟ .. لمَ اخترتي التعاسة لذاتك البائسة .. أ ظننت البؤس اللامتناهي ليس بكاف؟ .. أ لم يفعل اللاالله ما يكفي ليمتص كل بصيص من الضوء في هذا الواقع المظلم؟ .. أ تزيدين قهراً لذاتك؟ أم أنك تعاقبيني لأني بغضتك .. لقد بغضتك يا نفسي منذ رأيتك، منذ أحسست بكِ، منذ لمست أطرافك داخلي الفارغ .. نعم أنتِ تستحقين العقاب .. إني أكرهك!   
        

Comments

Popular posts from this blog

Her, Herself, and I

The Life Tunnel

Ether – A Short Story