أمواج الموت
كان صوت البحر عالياً والأمواج تتراقص وتتلوى وترتطم ببعضها البعض. رائحة اليود العتيقة تصدم الأنف مع نقاط من الماء المتطاير. لم تكن تمطر ولكن السماء كانت مغطاة بالكامل بسحاب كثيف اللون يضع حاجز رمادي معلناً نهاية لوحة الألوان المنبثقة من الغروب الوشيك. رمال الشاطئ تبدو سوداء ومظلمة كمستقبله. هو يتطلع عالياً للسماء بعينين مفتوحتين يشوبهما حمرة من وطأة الرياح الباردة، ولكنه لم يكترث لمثل هذا الألم .. قشعريرة ذراعيه يمكن رؤيتهما عن بعد وجسده كله يهتز بعنف .. رقبته مازالت تنزف .. لم يهتم .. ظل يتطلع للسماء ويسير بخطوات ثابتة نحو المياه .. صَرَختْ .. صَرَختْ بصوت عالي حتى تسمعني أذناه، صرخت بفكرة قاتلة استمدت قوتها من ألم الماضي حتى يشعر بها قلبه .. طعنته بصوتي كي أوقفه .. كي يسمعني .. كي ينظر لعيناي الدامعتين .. لم يتوقف .. بدأت أجري تجاهه وصرت أصرخ كالمجنونة، صوتي حملته الرياح المعبأة بالمياه و بدا لي صوتي كنحيب البحر .. أُقسِم بقبرِه أن الرمال السوداء تحركت والأمواج انتظمت على دقات قلبي وهو لم يتوقف .. وضعت يدي على كتفه كي يلتفت لي .. رأيتُ عيناه وبدأت أصرخ بصمت مدوي .. تركته فوراً ..